عادت الضريبة على تحويلات الوافدين إلى المشهد مجدداً، وذلك على الرغم من التحذيرات الاقتصادية الكثيرة بخصوص انعكاساتها السلبية.



وفيما رأى المعنيون بالشأن الاقتصادي، أن ضريبة التحويلات على الوافدين، تكاد تكون أضرارها أكبر من منافعها، اقترحوا اللجوء إلى حلول بديلة تحقق مردوداً أعلى يضيف إلى خزينة الدولة إيرادات حقيقية.

وأكد خبراء أنه «من باب أولى العمل على فتح قنوات استثمارية تستقطب أموال الوافدين داخل الكويت مواكبة لخطة 2035، والرؤية السامية بتحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري».

وتساءل هؤلاء «لماذا لا يتم فرض ضريبة دخل على الوافدين، على أن يتحمل سدادها صاحب العمل، وهو ما يدفع نحو مساعدة الدولة في خطط الإحلال، وتلافي الآثار السلبية لتطبيق ضريبة التحويلات».

من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي، محمد رمضان، إن «الإصرار النيابي على تمرير مشروع قانون فرض الضريبة على تحويلات الوافدين على الرغم من آثاره السلبية يثير تساؤلات عدة حول الهدف الحقيقي منه، خصوصاً أن الجهات المعنية بالاقتصاد والنقد في الحكومة إلى جانب صندوق النقد، والبنك الدوليين حذروا من تداعياتها على الاقتصاد المحلي».

ولفت رمضان إلى أن الإصرار على تمرير القانون رغم آثاره السلبية المتوقعة لا يعدو كونه تكسباً انتخابياً من قبل بعض النواب، معتبراً أن تطبيق الضريبة في حال أُقرت في نهاية المطاف سيواجه فشلاً ذريعاً، وسيفتح باباً لسوق التحويلات السوداء.

ودعا رمضان النواب إلى «تبني مشروع مماثل يتلافى العديد من الآثار السلبية لضريبة التحويلات، وذلك من خلال فرض ضريبة تصاعدية على دخل الوافدين من المنبع يقوم بسدادها، ويتحملها صاحب العمل نفسه، وهو الأمر الذي يحقق عوائد مضمونة».



وذكر أن الضريبة على دخل الوافدين يمكن تطبيقها على كافة مستويات الدخول سواء المحدودة منها، أو العالية وفق نظام شرائح الرواتب بقيمة ربط ضريبي وبنسب متفاوتة، وهو ما يضمن تحقيق الدولة دخلاً مضموناً يستطيع الوافدون ذوو الدخول المرتفعة تحمل تبعاته بطريقة يسيرة.

وأشار الرمضان إلى أن عوائد تطبيق هذا المقترح ستكون مرتفعة، إذ سيدخل تحت مظلتها الكثير من الوافدين وأصحاب الأعمال والمشروعات، معتبراً أنه سيساعد الحكومة على تطبيق سياسة الإحلال في القطاع الخاص، إذ إن أصحاب الأعمال حينها سيلجأون لتوظيف الكفاءات الكويتية تجنباً لدفع الضريبة، ما يجعل الفائدة منها مزدوجة.

4 مليارات

من جهته، أكد نائب رئيس اتحاد شركات الصرافة في الكويت، طلال بهمن، أن الإطار العام للتعامل مع قضايا الوافدين بات متناقضاً، إذ يحاول النواب من جهة فرض ضريبة ذات أثر سلبي عليهم بدعوى تحقيق فوائد اقتصادية، ومن الناحية الأخرى تعمل الحكومة على تقليص أعدادهم بصورة كبيرة لا تمكّن الأنشطة الاقتصادية المحلية من الاستفادة من تواجدهم.

ولفت بهمن إلى أن «ما يحدث يمكن تلخيصه في مغازلة الشارع السياسي عن طريق العزف على وتر الوافدين»، لافتاً إلى أن ما يحدث لا يعبر عن تحرك اقتصادي مدروس يحقق النفع المرجو من تطبيق أي قانون عليهم.

ورأى بهمن أن الأجدى للنواب النظر إلى القوة الاقتصادية للوافدين كاملة، بدلاً من النظر إلى فتات التحصيلات عبر فرض الضريبة على تحويلاتهم، داعياً إلى فتح قنوات استثمارية تستفيد من إجمالي تحويلاتهم في السوق المحلي، لتكون هناك استثمارات للوافدين في أنشطة اقتصادية كويتية متعددة على غرار التملك العقاري، بما يعود بالنفع على البلد ككل، قائلاً «يمكن ببساطة قلب تحويلات الوافدين إلى استثمارات بنحو 4 مليارات دينار، وذلك بدلاً من إيرادات هزيلة قد لا تصل إلى 200 مليون دينار».

وقال بهمن «الوافد مهما كان بات الحلقة الأضعف، فإذا دافع عن نفسه في مشكلة مع آخرين لا يواجه سوى الإبعاد، وإذا تجاوز إشارة حمراء عن غير عمد يتم إبعاده، وهو الأمر الذي يتناقض مع التوجه نحو جذب مستثمرين من الخارج لوضع أموالهم في مشروعات بالكويت».

وشدّد على أن «الإطار العام للتعامل مع الضريبة على تحويلات الوافدين غاب عنه أبسط أبجديات الواقع، التي تفرض على متخذ القرار أو المشرّع الاستئناس برأي أهل السوق، مؤكداً عدم قيام أي جهة بطلب رأي اتحاد شركات الصرافة وغيرها من الجهات الاقتصادية الوازنة».



 
Top