إنني أشعر بالخجل وأنا أطلب من زملائي المعلمين أن يفعلوا أيَّ شيء في ظل الهجوم غير المبرر في الإعلام على الوافدين، وكأنَّ هذا البلد متعطل، ومتعثر بسبب الوافدين. فنائب يطالب بفرض رسوم على الطرق، وآخر يطالب بفرض رسوم على استخراج رخصة القيادة بألفٍ ومئتي دينار، فكأنَّ الوافد سيحصل على رخصة قيادة مكوك فضائي وليست رخصة قيادة سيارة سيحطمها أول شارع ستمشي عليه من كثرة الحفريات والتعديلات والحفر التي أصبحنا نعتاد عليها شيئا فشيئا، وسترهقها كثرة أصوات «الهرنات» التي ستطلق بداعٍ وبلا داعٍ لأنَّه وبكل بساطة - لا حول له ولا قوة.
انني أشعر بانزعاج شديد من كثرة التصريحات التي توجه يوميا ضد فئة تعد صُلب الدولة في قطاعاتها كافة، ومنها من هم يعملون في أهم القطاعات حساسية وأهمية مثل التعليم والصحة وغيرهما الكثير من القطاعات. والغريب أنَّ الدولة تريد تطوير تلك القطاعات التي يعمل بها آلاف الوافدين وفي الوقت نفسه تنكل بهم أشد التنكيل.
أريد أن أطرح على وزير التربية سؤالاً واحداً، كيف سيعيش المعلم براتب يقدر بـ 500 دينار وهو يدفع نصفه إيجارا لشقته، وتطلب منه أن يكون بصورة مثلى أمام طلابه بلباس وعطر وشكل جميل، وأن يدفع قسطا لسيارته، وأن يتعالج بالرسوم الجديدة التي فرضت عليه مع العلم - انه يدفع تأمينا صحيا سنويا- وأن يأكل ويشرب هو وأسرته بما تبقى من راتب إذا كانت هناك بقية لهذا الذي يسمى، راتباً!
أكاد أجزم بأنَّ التعليم في الكويت انحنى منحنى خطيرا بعد خصم 15 في المئة من راتب المعلم، والتي لم تحصل في تاريخ العالم أن يخصم جزء من راتب إنسان ما زال على رأس عمله! فأي إنجاز تريد من إنسان محطم لا يملك بعد كل هذا القمع والتنكيل أن يعترض بكلمة واحدة أمام الملأ، والتي من الممكن أن تضعه على أول طيارة إلى بلده التي خرج منها ليجد حياة أفضل - على حد توقعاته.
المؤسف أن تجد الذي يصفق لاقتراحات النواب - للأسف - هو ذاته الشخص صاحب القهوة الإسبانية والتي لو جمع ما ينفقه فيها لشكلت دخلا آخر لوافد مسكين يكدح ليل نهار من أجل أن يعيش حياة أفضل هو وأسرته الصغيرة، فالأمر لا يقتصر على معلم وطبيب فقط، بل يمتد لدولة لا يمكن لها أن تتقدم خطوة واحدة إلا بوجود هؤلاء الأشخاص؛ لأنَّ البعض من أبناء وطني يعتقد أنَّه بمواطنته وعمله في الحكومة يأخذ حقه من النفط والثروة، من دون أن يكون مطالباً بأي شيء يقدمه تجاه وطنه وعمله ودينه.
أخي في الوطن، إنَّ أحداً لن يشاركك في وطنك وثرواتك التي تعتقد أنها ملك لك، وأنك لو تفكرت قليلا فيها، فستجد أنَّك لا تملك شيئاً منها فعلياً إلا ما يتاح لك ممن يديرها، وإنَّك لو تفكرت في نعم الله أنَّه رزقنا أناسا يأتون من مشارق الأرض ومغاربها لكي يتعلموا لدينا ومعنا، فيوفرون جهدا ووقتا، ستعرف كم نحن محظوظون في هذا الوطن وبهؤلاء الناس الذين يشاركوننا بناء وطن نحبه جميعا، ولا أقول بكلامي هذا أنَّنا نعيش في مجتمع ملائكي، ولكن الخطأ وارد مني كمواطن ومن الآخر كوافد والعكس صحيح.
خارج النص:
أعجبتني كثيرا كلمة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في روسيا عندما طالب بطرد ممثلي الكنيست الإسرائيلية، فهي تمثل بحق وجهة نظر الكويت الثابتة على مر سنوات منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
AlSaddani@hotmail.com